يلفُّ سَجَائِرَهُ بِأَصْوَاتِهَا بأَنْفَاسِهَا، يعْركُ رَغِيفَهُ بِرَوَائِحِهَا بطُعُومِهَا، يُضمِّخُ صَمْتَهُ بِمُوسِيقَى شُقُوقِهَا، يشْرَبُ رَحِيقَ تَجَاعِيدِهَا المَكْتُومَةِ.
حِينَ يريدُ يُسْندُ رَأْسَهُ إلى قِبَابِهَا، إلى أَزْمِنَتِهَا، إلى الأَمَاكِنِ التي جَاءَتْ مِنْهَا التي تَمْضِي إِلَيْهَا، مُشْرِعًا عَيْنَيْهِ على عُمْقِهَا الشَّاهِقِ.
لَنْ تَقْبِضَ على المَاءِ يقولونَ. لَكِنْ ما أن يفْتَحَ قَبْضَتَهُ حتّى يرَوْا الجَوَاهِرَ تَتَوَهَّجُ.
تِلْكَ الجَوَاهِرَ التي هِيَ الشَّيْءُ وَسِوَاهُ،الشَّيْءُ وَمِعْمَارُهُ المُتَحَرِّكُ وَمُمْكِنَاتُهُ الفَسِيحَةُ.
هَلْ تَكُونُ عَرَفْتَ قَبْلِي الطَّرِيقَ إلى مَارَامَ؟ أَسْأَلُ فَيَبْتَسِمُ مُشِيرًا إلى
مُفْرَدةٍ مِنْ نُورٍ وَظِلٍّ، مِنْ نَبْضٍ وَمَسَافَةٍ، يَنْفُخُ بِهَاعميقًا جُمْلَتَهُ التَّشْكِيلِيَّةَ.
لَيْسَ في المَادَّةِ فَحَسْبُ، بَلْ في الخَيَالِ، في لَحْمِ الحُرِّيَّةِ، في الفَضَاءِ أَيْضًا.
فَجْأَةً،
لَمْ يَعُدِ الفَنَّانُ يَبْحَثُ عَنْ نَفْسِهِ
في شَوَارِعِ المَدِينَةِ.
المَدِينَةُ تجدُ نَفْسَهَا
في شَوَارِعِ الفَنَّانِ.